المختار بن دغة
عدد المساهمات : 75 تاريخ التسجيل : 17/09/2012 العمر : 48 الموقع : http://desert.mountada.net/
| موضوع: صاحب جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في عيون أهل الصحراء. الجمعة أكتوبر 25, 2013 5:03 pm | |
|
بقلم:إدريس ولد القابلة
ليس من السهل الحديث عن الملك محمد السادس،ومن الصعب بمكان أن يجد المرء العبارات المناسبة التي تليق بالسدة العالية بالله. إن جلالته يتمتع بشعبية لا مثيل لها ويحظى بتقدير عال من قبل شعبه من طنجة إلى الكويرة، أليس هو صاحب الحل والعقد في المملكة؟ حينما اعتلى الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين قال لشقيقه الأمير رشيد:"إذا ما تغيّرت نبّهني لذلك". وبعد مدّة أعاد جلالته الكرّة وسأل شقيقه إذا كان قد تغيّر، فأجابه الأمير قائلا: "نعم، بعض الشيء، لكن لا أعتقد أن هذا التغيير كان سلبياً". وقد سبق لأحد الزملاء الصحفيين المرموقين أن قال:"إن من يحبّ ملكه يجب أن يقول له الحقيقة". فأهل الصحراء على امتداد الأقاليم الجنوبية، بلكنتهم الصحراوية الخاصة، المفعمة بالصدق غير المتصنع يجمعون على أن حبّهم لجلالة الملك محمد السادس ظل يزداد وستقوى منذ أن شعروا بعناية جلالته الخاصة بهذه الربوع من المملكة. إنهم يفتخرون بهذه العناية الملكية، لأنها تولد لديهم طاقات متجددة للاستمرار في الدفاع عن الوحدة الترابية. وقد لاحظنا، بشكل يثير الانتباه، إسهامهم في الحديث عن تقديرهم وحبهم للسدة العالية بالله. كيف لا وهم يشعرون، كامل الشعور، أن عاهلهم المفدى يحمل على أكتافه عبئا في زمن مطبوع بالمنعرجات والمنعطفات وبالانتظارات الكبيرة للشباب. لقد قال أحد الحكماء: "إن تقدير الملوك وحبّهم من طرف شعوبهم لا قانون ولا حدود ولا دين لهما"، وهذا ما تأكد بالملموس عبر محاولتنا لملامسة جوانب الإحاطة بالسؤال: كيف يرى أهل الصحراء جلالة الملك محمد السادس؟ يتوفر جلالته على بعد إنساني وحس اجتماعي لا حد لهما، وما يبدو رسمياً في هذا المجال، ليس هو إلا الجزء الظاهر، إذ ما بطن أكبر من أعظم كما هو الأمر بالنسبة للجبل الجليدي العائم الذي تحجب المياه جزءه الأعظم والأهم. لقد سبق لجلالته أن قال في إحدى تصريحاته للصحافة الغربية: "الأسلوب هو الرجل"، وأسلوب جلالته هو القرب من هموم مختلف فئات شعبه. يقيناً أن الحكم الملكي المغربي اليوم، في عهد جلالته الملك محمد السادس، قويّ ويستمد قوّته من التفاف الشعب حول العرش الذي هو الضامن الأكبر للوحدة الوطنية والترابية في عصر مليء بالتحديات، إنه نظام جعل من المغاربة، من طنجة إلى الكويرة، أحراراً في وطنهم تواقين، بقيادة عاهلهم، إلى غذ أفضل.
كمثل كافة المغاربة، يرى أهل الصحراء – على امتداد الأقاليم الجنوبية، جلالة الملك محمد السادس، كرجل دولة وطني، أب لكافة المغاربة وأمير المؤمنين الملك في عين الدستور أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضمان دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، الضامن لاستقلال وحوزة المملكة. لكن ماهي الصورة الأخرى لجلالة الملك في العيون أهل الصحراء على امتداد الأقاليم الجنوبية؟ لإعداد ملف الأسبوع توجهنا إلى جملة من أهالي الأقاليم الجنوبية، من مختلف الفئات، وطرحنا عليهم- بكل شفافية- بكل تلقائية- السؤال التالي: كيف يرى أهل الصحراء جلالة الملك محمد السادس؟
محمد السادس الملك الإنسان
حينما ينطلق الحديث عن الملك محمد السادس الإنسان تتمثل أمامنا صورة العاهل القريب من كل مواطنيه، الذين أشركهم حتى في زواجه واقتسم فرحة العمر مع شعبه من طنجة إلى الكويرة كما تتمثل أمامنا صورة العاهل الذي أطلقت عليه الصحافة الفرنسية "ملك الفقراء"، وهذا ليس اعتباطاً، وإنما تابعته عن قرب وجلالته تنزل على الناس ويستمع لشكواهم بأذنه ولا يعتمد فقط على التقارير لأنه ملك الشعب القريب منه وليس ملك القصور كما صرّح جلالته بذلك بنفسه. ويكفي أن نعرف أن جلالة الملك، هو الملك الوحيد ربما بين ملوك المغرب والقادة العرب، قطع في سنوات حكمه الأولى أكثر من 95 ألف كيلومتر طاف فيها ربوع المملكة ليقف على الأحوال والمشاريع ويتابعها بنفسه. لقد رأى أهل الصحراء، على امتداد الأقاليم الجنوبية، منذ الوهلة الأولى أن اعتلاء جلالته عرش البلاد كان بمثابة إعادة انتعاش الأمل وإعلاناً عن تحولات كبيرة، وهذا ما كان فعلا. ومنذئذ ظل أهل الصحراء يرون في جلالته نموذج الانفتاح وروح المبادرة، وهذا ما تأكد أكثر من مرّة في زياراته الميمونة للأقاليم الجنوبية، إذ تمحورت رؤية على انخراط المغرب في مناخ تعمّه الديمقراطية والحداثة دون التفريط في الأصالة، وذلك من خلال إعادة الاعتبار لدور الأسرة وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وثقافة المواطنة وسياسة القرب والمشاركة وتحديث الإدارة والقضاء وتعقيد التضامن الاجتماعي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. إن جلالة الملك محمد السادس في عيون أهل الصحراء، ملك دأب على تعزيز قيم التضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي، مما مكّن المغرب، من طنجة إلى الكويرة، من مسايرة العصر، مغرب الحداثة والأصالة والتوق للديمقراطية. كيف لا وجلالته محمد بن الحسن العلوي، الملك الثالث والعشرون في السلالة الملكية منذ منتصف القرن 17 ميلادي. إن أهل الصحراء يرون في الملك محمد السادس موحدهم وضامن أمنهم واستقرارهم وقائدهم نحو غذ أفضل، يغترف من معين أجداده الذين جعلوا من الصحراء فضاء تاريخ مجيد يفتخر به المغاربة قاطبة، وأرض شرف ومقاومة، أرض الإسلام والشرفاء. ملك لا يبخل بجهد لتحسين ظروفهم وأوضاع عيشهم ويسهر على التحاقهم بالركب الحضاري وتعقيد آليات تنميتهم المحلية والجهوية. ففي مختلف تحركاته يظهر بجلاء أن لدي جلالته رؤية بعيدة، وأمل جلالته الكبير هو أن تتقدم الأقاليم الجنوبية ضمن تقدم المغرب ليكون نموذجاً يحتدى به في الديمقراطية والتقدم الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. فبحكم أريحة جلالته وتعاطفه بدون حدوث نُعت بـ "أمير الفقراء" وهو ولي للعهد وكذلك وهو عاهل للبلاد. لكن جلالته ظل يفضل بالأحرى أن يقول: "إنني ملك جميع المغاربة: الفقراء منهم والأغنياء". إن جلالته، بفعل اهتمامه عن قرب بشؤون بلده، متنقلا بين إقليم وآخر، أضحت كل المناطق والمدن والمداشر تترجى ليل نهار زيارة ملكية ميمونة لإطلاق المشاريع الإنمائية. وفي هذا المضمار، قال الكثيرون إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس لا يحبّ الظهور عموماً ويتجنب المنتديات الدولية، لأن جلالته يتمتع بشخصية تفضل العمل المباشر بدلا من المؤتمرات والقمم واللقاءات الدولية. إن جلالته – في عيون أهل الأقاليم الجنوبية- يعطي الأولوية لرعاية البيت الداخلي – المغرب من طنجة إلى الكويرة – قبل أي شيء آخر. هكذا يقول لسان أهل الصحراء على الدوام: نحبّ ملكنا ومتعلقون بالعرش الذي يجلس عليه فرع من شجرة أنجبت الملك الراحل الحسن الثاني والملك الراحل محمد الخامس وباقي ملوك الدولة العلوية الشريفة.
حبّ وتقدير صادقان
الصحراويون يحبّون ملكهم، وملكهم يحبّهم ويرعى مصالحهم ويتقّدم بهم نحو التنمية والازدهار. إن جلالة الملك محمد السادس قد وضع قضية الصحراء على الطريق الصحيح المفضية إلى يضمن وجه الجميع ويحرص على مستقبل المنطقة. فلا جدال في أن جلالته ينتمي إلى الجيل الجديد من قادة العالم، لكن جلالة الملك محمد السادس ظل متمسكاً بكل التواثب التي ضمنت استمرارية المملكة المغربية على امتداد قرون، وذلك موازاة مع اعتماد منهج مختلف عن السابق ورؤية مغايرة في تدبير شؤون الحكم على الصعيد الداخلي، عبر ترسيخ أسلوب خاص في التفاعل والتعاطي مع مختلف القضايا. التقينا مجموعة من أبناء الأقاليم الجنوبية وطرحنا عليهم السؤال التالي: كيف يرى أهل الصحراء جلالة الملك محمد السادس؟ وقد أجمعوا على أنه سؤال لا يمكن الجواب عليه بسهولة أو الإلمام بكل جوانبه، لكن شعوريا يمكن ذلك وبتلقائية دون حاجة لتفكير. الملك محمد السادس حقق الرهانات وحكامة في الكثير من المجالات... تراه هنا وتراه هناك.. سياسة رشيدة لتحقيق الطموحات.. تعتز به كل فئات.. متيّم بحبّ شعبه ويريده أن يحيا في أحسن الظروف والأحوال.. لا يتوانى جلالته على المبادرات لإطلاق الطاقات.. ليس كل هذا عزيز على ملك ابن ملوك.. في عهده تحقق نهضة، بل نهضات في مختلف الميادين والمجالات الكثير ممن تحدثنا معهم فضلوا عدم ذكر أسماء وصفائهم، بل هناك منهم أصرّوا على ذلك. وعندما سألنا عن السبب، فكان الرد أكثر من مقنع، إذ لخصه أحدهم قائلا:"لماذا تريد أن يُعرف اسمنا مادام كل ساكنة الأقاليم الجنوبية ترى جلالته كما نراه، وهي حقيقة قائمة بذاتها ولذاتها سواء قالها فلان أو علاّن". إن أهل الصحراء يثمنون سياسة صاحب الجلالة من تطور وتقدم وازدهار، وهذا راجع إلى حنكة واستبصار وتبصر صاحب الجلالة. كما أكد العديد من العائدين أن جلالة الملك محمد السادس يُذكر بكل خير بين فئات واسعة من ساكنة مخيمات تندوف، ولولا القمع والمحاصرة وعدّ الأنفاس والمراقبة اللصيقة، لتمّ التعبير عن ذلك في واضحة النهار بقلب مخيمات الحمادة. فجلالة الملك محمد السادس ليس ملكاً في المملكة المغربية فحسب، وإنّما هو ملك في تندوف كذلك، أراد من أراد وكره من كره. عموماً يرى أبناء الأقاليم الجنوبية الذين استجوبناهم أن جلالة الملك محمد السادس وسطي الفكر والمنهج، حضاري الرؤية، والتوق للأفضل، يسعى جلالته بكل الوسائل إلى ترسيخ الإصلاح والتغيير نحو العدل والحق والمساواة في ظل الحرية والتقدم، وكل هذا تحت مظلة الأمن والاستقرار الدائمين بالمملكة المغربية، سلاحه في ذلك الاعتماد على ثوابت الأمة لإعداد مغرب الغذ يحتضن مغاربة متنورين واعين منفتحين على العالم يخدمون أمتهم ووطنهم بحبّ وإخلاص شاعرين بمواطنتهم ومساهمين على الدوام في إنجاح وتطوير مشروع الحكامة والرشيدة في مختلف المحاولات، وذلك ترسيخاً لدولة الحق والقانون ومجتمع المُواطنة والمُساهمة.
الملك المستبصر
إن جلالة الملك محمد السادس في عيون مثقفي الأقاليم الجنوبية ونخبها، الملك المستبصر الذي ظل يرمز إلى رياح التغيير من أجل غذ أفضل، تلك الرياح التي هبّت على المملكة منذ أن اعتلى جلالته عرش أسلافه الميامين. يرى رجال العمال بالمناطق الجنوبية أن جلالته أطلق ورشاً رئيسياً يشمل المملكة برمتها، إنه ورش التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمغرب قصد إعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني وآليات إنتاج الثروات المضافة عبر إطلاق مشاريع كبرى في جميع القطاعات. لقد ساهم جلالته بقوّة في ترسيخ دور المؤسسة الملكية واحتفاظها على وظيفة تجمع بين الحكم والتحكيم، وهذا ما تأكد منذ اعتلاء جلالته العرش. وقد اعتمد جلالته نهج التدخل والانسحاب عند اللزوم. وبذلك تحققت خطوات رائدة وغير مسبوقة بدءاً من سنة 1999 إلى الآن. لقد قاد جلالة الملك مشاريع تنموية ضخمة بالأقاليم الجنوبية جعلتها في مصاف جهات المتقدمة للمملكة، سيما "مشاريع القرب" التي استهدفت الفئات الأكثر هشاشة، وذلك في إطار "تنمية القرب". إن جلالة الملك محمد السادس عمل على تحديث مجتمع الأقاليم الجنوبية في أفق جعل أبنائها مواطنين مدركين لحقوقهم وواعين ومنسجمين مع خصوصيات هويتهم كمغاربة ومنفتحين على ثقافات أخرى. لقد تمكّن جلالته من تغيير وجه الأقاليم الجنوبية في مختلف المجالات، وذلك في إطار قيادة شعبه الوفي نحو نموذج مجتمعي حديث يتماشى مع قيم القرن الواحد والعشرين لكن دون نسيان أصالة المجتمع المغربي بتعدديته.
"القرب" حجر زاوية السياسة الملكية
ظل جلالة الملك محمد السادس قريباً من المواطنين بفعل تحرك جلالته الدائم عبر أرجاء المملكة، إذ لا يميز جلالته بين مدن كبرى ومدن صغرى، أو بين قرى قريبة أو قرى نائية. كانت أولى الخطوات التأسيسية في العهد الجديد، إعادة النظر في العلاقة بين السلطة والمواطن وما يرتبط بها من رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية والحريات الفردية والجماعية. ودعا جلالته رجال السلطة من ولادة وعمال، إلى خروج من المكاتب والاحتكاك المباشر بالمواطن، أي الاقتراب أكثر من المواطنين والتفاعل معهم بصفة إيجابية وسليمة، وبأن تصبح الإدارة في خدمة المواطن وليس العكس. عندما سُئل جلالته يوم "هل يخيفكم الحكم؟". أجاب جلالة الملك محمد السادس ببلاغة وعبارات قوية: "لا أقول إنه يخيفني، لكن عبء المسؤوليات ثقيل، والمهم هو المحافظة على ثقة الآخرين، لأن من لم يحظ بمثل هذا الثقة، فليس لديه ما يخسره، وعندما يحظى بها، فالصعوبة التي يواجهها هي المحافظة عليها، إن الأولوية بالنسبة لي هي الحفاظ على ثقة شعبي، وإنني لأعبّر عن شكري للمغاربة على تفهمهم، لا سيما وأنني أعرف أن تطلعاتهم كبيرة. إن الملك هو الخديم الأول للشعب، وبالتالي فإنني رهن إشارة كل المغاربة، قد قيل عني إنني ملك الفقراء، فليكن، ولكنني أوّلا وقبل كل شيء ملك الجميع، ملك الشباب، وملك الشيوخ، وملك الأغنياء أيضاً، لا أقول لشعبي إنني لن أرتكب أخطاء، لكني أعد ببذل كل ما في وسعي من جهدي. يعرف جلالته جيداً ما يريد ويعلم جلالته أكثر أين يريد توجيه المغرب. ورؤية جلالته هاته لم تأت اعتباطاً أو سقطت من السماء وإنما اكتسبها ملك المغاربة في ركح الميدان وعبر جولاته في مختلف مناطق المملكة، سيما مناطق المغرب العميق. إن جلالته لم يكف عن زيارة واستطلاع أوضاع مختلف ربوع المملكة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، عبر مدنها وقراها ومداشرها، يعانق الناس، يستمع إلى نبضات المواطنين، وقد سبق لجلالته أن قال: "أنا أريد أن أطلع على الأمور ميدانياً بنفسي، وأن أقف على واقع بلادي". لقد مكّنت سياسة القرب المعتمدة من طرف جلالته من عمل الكثير للمغرب والمغاربة، دون أن يشعر جلالته ولو للحظة بالرضا عما أنجز لأن جلالته ولو للحظة بالرضا عما أنجز لأن جلالته يقول: "لا يمكن للشخص أن يكون راضياً بالذي عمله من أجل بلاده، خاصة أنه عمل يومي ومستمر، فالطموح هو أن نقدم أكثر، لهذا ليست قانعاً بالذي قدمته للمغرب وللمغاربة، لأنني أتطلع إلى أكثر من ذلك من أجل تقدم ورفاهية المغرب". كل سياسات جلالته مبنية على القرب وتعبئة كل الطاقات لمواجهة الإكراهات وتحفيز المجتمع على المزيد من تحرير إمكاناته وطاقاته، لأن الرأسمال البشري هو الحاسم في التنمية المبنية على احترام كلمة الإنسان، وتعزيز ثقة المواطنين في المستقبل الموطدة لمقومات المغرب الحديث والمعززة لتماسك المغاربة من طنجة إلى الكويرة المتشبعيّن بثوابت الأمة الملكية الدستورية والوحدة الترابية والإسلام المعتدل والالتزام بالديمقراطية. إن كل لقاء أهل الصحراء مع الملك تغذى أمالاً كبرى وتعزز ثقتهم في أنفسهم وفي حاضرهم ومستقبلهم. فكل المغاربة يتمنون لقاء جلالة الملك. ومن الصعب بمكان وصف الشعور الذي يحسه الإنسان وهو بين يدي السدة العالية بالله، لكن الشعور الذي أجمع عليه من سبق لهم أن حظوا بهذا اللقاء، هو "أنك تشعر تلقائياً كأنك تعرفه منذ زمن بعيد".
كلما يرى المرء صورة رسمية لجلالة الملك يشعر من حيث لا يدري أنها تحاط بهالة من الوقار والفخامة. ففي كل زيارة كان الجميع يتنافس من أجل الاقتراب من الملك وتقبيل يده، وحتى المسؤولون والقائمون على الأمور والأعيان والشيوخ والمنتخبون، أصحاب الحظوة في الإقتراب من جلالته، بمناسبة أي زيارة ميمونة للأقاليم الجنوبية تتنافسون من أجل الدنو من جلالته والتحدث إلى جلالته، ويجتهدون اجتهاداً بكل الوسائل والحيل لاستطالة القرب من جلالته ومدة الحديث إليه. وظل كل واحد منهم تتفاخر بتلك اللحظات ولو كانت مدتها ثوان معدودة.
الأريحية والتفهم
منذ كان وليا للعهد، فتح جلالة الملك أبواب إقامته بمدينة سلا لاستقبال فلول المواطنين، سيما الشباب منهم، وأجرى جلالته معهم لقاءات اتسمت بالحميمية، واستمع لهم هذه الأبواب مفتوحة على مصراعيها حتى بعد أن أصبح ملكاً. كيف لا وهو الإنساني إلى أبعد الحدود وحسه الاجتماعي المرهف يسع كل المغاربة، وهذا أمر ليس بغريب عن جلالته الذي دأب على القيام بجولات ماراطونية لتفقد أوضاع الشعب وإعطاء الانطلاقة للمشاريع في كل ربوع المملكة، ولادخر جهداً لتحسين أوضاع أوسع الفئات. هذا هو الملك الذي يجعله المغاربة قاطبة، من طنجة إلى الكويرة. وهناك تقدير وإجلال بنون النسوة، إذ تقول نساء الصحراء والأقاليم الجنوبية إن جلالة الملك محمد السادس، فهم عصره وقدّر كثيراً المرأة الصحراوية ومجهوداتها الرامية إلى المشاركة في التنمية. كيف لا، وتقدير جلالته للمرأة الصحراوية نابع من حبّه للوطن، وقليلون هم الرجال الذين يغترفون تقديرهم للمرأة – نصف المجتمع – من حبّهم لوطنهم.
حميدة: جمعت 7000 صورة لجلالة الملك محمد السادس
حميدة فيضول، نجلة المقاوم الراحل فيضول الدرهم، فتامة تكسّر أصبعها وهي تتعقب جلالة الملك في إحدى زياراته الرسمية، ولم تحس بالأمر إلا حين مرّ الموكب الملكي. منذ أكثر من سنة عشر سنة دأبت حميدة على الجميع صور الملك محمد السادس منذ كان ولياً للعهد. ظلت معجبة بجلالة الملك منذ الصغر. منذ كان عمرها عشر سنوات بدأت بقص صور جلالته مكن الصحف للاحتفاظ بها، كما اقتنت كل الصور التي تباع، وفي حوزتها الآن أكثر من 7000 صورة كان كلما ارتفع عدد الصور التي كانت تجمعها تشعر بسعادة أكثر، وتطمح إلى الوصول إلى عشرة ألف صورة لإقامة معرض. وتحلم حالياً بلقاء الملك لتحظى بصورة معه لتكون جوهرة ثروتها من الصور الملكية. إن حميدة فيضول شغوفة بتتبع خطابات جلالة الملك وتحركاته ونشاطاته، كانت تطمح لمتابعة دراستها في السياسة والقانون إلا أن ظروفها الصحية حالت دون ذلك، لكنها عوضت ذلك، لكنها عوضت ذلك بالإهتمام بالسياسة عبر الأنشطة الملكية وكذلك الاعتكاف على كتابة سيرة والدها الذي يعتبر أحد المقاومين البارزين للاحتلال الاسباني بالصحراء المغربية، وقد سبق له أن حظي بوسام العرش منحه إياه الراحل الملك الحسن الثاني.
روابط قوية لا تنفصم
هناك علاقة حب خالص متبادل بين الملك محمد السادس وسكان الأقاليم الجنوبية التي عرفت انطلاقة جديدة مع وصول جلالته إلى سدة الحكم. يرى أهل الصحراء في العاهل الملك الإنسان والملك المستبصر المجسد لصورة المغرب الغد والعارف بكل حبة رمل الصحراء المغربية والأقاليم الجنوبية. يزداد افتخارهم لجلالته لأنه صار على نفس نهج أسلافه الميامين، ولديه مكانة خاصة في قلوبهم.
الدكتور إسماعيل الهموني، أستاذ باحث الملك الصديق والملك الإنسان
كيف يرى أهل الصحراء جلالة الملك؟ إن الحديث عن جلالة الملك أو عن صورته في ذهن أهل الصحراء حديث يقود مباشرة إلى التركيبة الذهنية التي يُفكر بها والأثر النفسي الذي يخلق تلك الصورة. وقبل الحديث عن الأثر أو الانطباع، أستطيع أن أقول إن لأهل الصحراء أربع صوّر عن جلالة الملك. الصورة الأولى هي صورة السلطان، أي السلطان الحاكم الذي لا يُنازع في مشروعيته، وإليه يكون الملاذ وبه يُستغاث، وتاريخياً ظل حضن السلطان آمنا يحمي جواره ويحمي رعيته. ولأهل الصحراء حفظ كبير لهذه الصورة التي تعني أن السلطان هو الذي يكون ذلك الشخص الذي حينما يكون الخلاف أو عدم تحقيق قضية ما يتم الرجوع إليه.
هذا عن صورة الأولى، وماذا عن الثانية؟ الصورة الثانية صورة الملك الإمام الذي يستند إلى مرجعية دينية. الإمام هو الذي يقود الأمة دينياً ويحق له وحده أن يكون أميراً للمؤمنين يحكم في السياسة وفي شؤون الدين. لهذه الصورة حضور كبير عند الفقهاء والعلماء والصلحاء وأعيان أهل الصحراء. والإمام هو الذي يضحي عن أمته، وحينما يعلن فتوى، مهما كانت سياسية أم دينية، تكون المرجع، إليه يكون الحكم الفيصل.
وماذا عن الصورتين الثالثة والرابعة؟ الصورة الثالثة هو الملك الشريف، ولا يتورع كثير من قبائل أهل الصحراء الانتساب إلى الدوحة النبوية أو الإعلان جهازاً أنهم ينتسبون إلى سلالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. وفي تحقيق لفضيلتين أو مزيتين: الأولى أنهم شرفاء بالنسب والحسب، وبالتالي يحق لهم التوقير والاحترام. والمزية الثانية أنهم أبناء عمومة للملك، فهم شرفاء وأن الدم يسري في عروقه هو نفس الدم الذي يسري في عروقهم. هذا الأمر يجعل الملك محط تقدير واحترام كبيرين لأنه من سلالة الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو السبط الأمين ومن سلالة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها، كما قلت، الكثير من أهل الصحراء وأسلافهم. أما الصورة الرابعة فهي صورة الملك الأب الكبير، والأب الكبير بالمعنى النفسي وليس بالمعنى السنّي (الذي يقاس بالأعوام). فالملك هو أب رحيم لكل الناس، مهما صغر السن أو كبر، وبالتالي فهو الذي يحنو عليهم حينما تقسو عليهم الطبيعة أو الشدائد، وهو الذي يقودهم نحو الصلاح، وإليه تؤدى فروض الاحترام كما تؤدي للأب. هذه الصورة الأربع، صورة الملك السلطان والملك الإمام والملك الشريف والملك الأب الكبير، هي تقريباً خلاصة وجماع تصور أهل الصحراء عن الملك.
لكن ماهي أبعاد هذه الصور؟ إنها صور تقوم على البعد الديني الذي يجعل بيعة أهل الصحراء للملك بيعة واجبة، بل يذهب فقهاؤهم إلى أنه استناداً للحديث الشريف "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية". هذا البعد الديني يجعل الملك أميراً للمؤمنين وبقوّة السياسة والبعد الثاني هو البعد المدني الحضري في النسق السياسي الحديث، بحيث تصبح الأهمية حالة على أن الملك لا ينازع في سلطته، ولا يمكن الخروج عليه بل الخروج معه لكل ما يريده. من هذا المنظور يُصبح واجب الخروج معه فرض طاعة، بل فرض عين على كل من كان في الصحراء. ومن ثمة وجب عليهم الالتزام بأوامره. أما صورة الملك الشريف، هي أقرب إلى الجانب الوجداني العاطفي. فالشرفاء يقدرون بموجب أنهم ينتمون إلى سلالة معروفة في التاريخ. كما أن الملك أب رحيم لأنه يُقدّر أن يرتكب بعض الأبناء حماقات أو بعض التنطعات أو الشطط ولكن الأب برحمته وطوع يده يُصبح رحيما ويعفو ويتنكب هذه الأعصاب لأنه ينظر إلى أبنائه بالرحمة وعين المغفرة، هذه الصورة التي يفكر فيها أهل الصحراء حينما يُذكر لديهم لفظ الملك. ألا يعتبرون أن الحداثة يمكنها أن تؤثر هذه على هذه الصور؟ وهل هناك تباين على مستوى ترجمة هذه الصور بين الأجيال والفئات وحسب المواقع الاجتماعية؟ من المعلوم أن الحداثة ليست فترة تقاس بالزمن، ولكن الحداثة هي من تحول فكري ينبني على رؤية معينة، ومن هذا المنظور فإن الصور الأربع ليست صوراً نمطية تخص جيلاً دون جيل، بل الآن يمكن أن نترجم الصور الأربع إلى مفهوم الملك القائد أي يقود المنظومة ويترجمها واقعياً، ثم الملك المشارك الذي يؤسس البعد التشاركي في مفهوم السلطة وتحيينها. ثم الملك الرائد الذي يستشرف الآفاق المستقبلية لكل الأبعاد، ونضيف أخيراً الملك الحداثي الذي يتعرف على مقتضيات عصره ومتطلبات جيله وأسئلة راهنة فيجيب عنها بما تستوجب انطلاقاً من هذه الطروحات فليس المر على نمطية في التفكير،ولا على القطيعة بين جيل وجيل، ولكنه البناء الذي يترجم السلكات الأربع. لاحظ الجميع نهج التعامل جلالة الملك مع الناس و الحرص على اعتماد سياسة القرب، فأي صورة من صور الملك، يمكن أن تقوي هذه الصيرورة؟ إن الصورة التي تثار عن الملك بجانب الحاشية والبروتوكولات والرسميات أعطت لجلالة الملك، ليست فقط عند المغاربة ولكن الأجانب كذلك، مفهوم الملك التقليدي المحكوم بالتقاليد ذات الأبعاد البلاطية، ولكن يلاحظ في شخص جلالة الملك محمد السادس، في كثير من تحركاته وسلوكاته بدأ مفهوم آخر جديد يتشكل ويمكن أن يستمر لاحقاً ويبرز وهو الملك الصديق الذي يستطيع أن يتجاذب أطراف الحديث مع أيها الناس، وأن يتناول طعامه في مقهى شعبي، وأن يترجل ويسير في الشارع بدون حراس، وأن يسبح في شاطئ غير محروس حراسة دقيقة، كل هذه الصور التي لم تكن معروفة في العهد السابق والمكرسة حديثاً، تؤكد أن ذهنية جلالة الملك في التفكير وفي المقاربة للبعد الأمني انكسرت، وبدأت مقاربة أخرى تتأسس على الثقة والتواضع بين شخص الملك وبين الشعب. هذا المنظور إذا ما تم تكريسه على المستوى التشريعي والقانوني والبناء الداخلي ستبرز صور أخرى ذات نوع إضافي وقيمة نوعية التي ستعطي للملكية كمؤسسة صورة بعيدة عن الصورة النمطية التي كانت تروجها الصحافة الأجنبية.
لماذا كيف يفهم المواطنون هذا التغيير؟ من المفروض أن التغيير في ذهنية جلالة الملك أن يكون تغيير في ذهنية المواطنين، إلا أن هذا التغيير ليس بالضرورة أن يكون تغييراً ميكانيكياً، ولكن يمكن أن يكون تدريجياً. لقد بدأ المواطن يفهم، فعلى سبيل المثال، إن خطب جلالة الملك محمد السادس هي خطب قصيرة جداً لا تتعدى 15 دقيقة. فمفهوم الزمن داخل النسق الخطابي أضحى واضحاً، هناك ضبط كما أن الأوراش الكبرى التي يفتحها الملك، كلها ذات بعد اجتماعي وبشري تستهدف بالأساس العنصر البشري. وتجد الملك يزور أقصى القروي وتحت المطر ويمر في الأوحال، لا يتورع جلالته أن يكون حاضراً في كل مكان، يقبل المعاقين ويسلم على أيها الناس. بدأ يستشعر أن شخصية الملك لم تعد تلك الشخصية المحاطة بالهالة والقداسة الغرائبية، بل هي شخصية بشرية في أفعالها وسلوكاتها تميز بين الذي يؤذي وظائفه الرسمية كملك وبين الملك الإنسان. والملك الإنسان هو أبعد ترجمة حقيقية لحضور المؤسسة الملكية في الدولة المغربية وفي الشعب المغربي.
هل هذا التطور على مستوى الصور له تأثير على صعيد التغييرات المنتظرة؟ إن التغيير انطلاقا من هذه الصور يبعدها الإيجابي. والمستقبلي وارد لا محالة، لكن كم من الزمن سيأخذ؟ وماهي المدة الفاصلة التي يمكن أن تحقق هذا الحضور؟ الوارد أن هذا الأمر يحتاج إلى تربية، وإلى بناء بشري يواكب هذا الحضور وهذا التغيير على المستوى العقليات، ومن المعروف أن تحولات هذه الأخيرة ليس أمراً سهلا وله دورته الخاصة لا تقاص بالزمن العادي والمنطقي، انطلاقاً من هذا الفهم تصبح التغيرات اللاحقة صيرورة، إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن هذا التغيير النفسي الداخلي الذي يواكب المشاريع الكبرى التي يقودها الملك اليوم هي التي من شأنها أن تعطي – كما أسلفت – الثقة والإطمئنان للمواطن بأنه بالفعل الآن يقوده شخص له طموحات أخرى وصور أخرى خاصة به والتي يمكن أن يجعله قاراً على القيادة السفينة بكل اطمئنان وبكل قوّة بالبعد الذي يحقق الحضور الاجتماعي والسلم في المغرب.
في عصرنا الحالي أضحت الصورة تلعب دوراً خطيراً جداً، فهل الصورة بمنظومتها الراهنة وطرق استعمالها هل يمكن أن تؤثر على صورة جلالته الملك سيما سوء استعمالها في شبكة الويب؟ نعيش الآن في عصر تحكمه الصورة التي أصبحت لها ديكتاتورية وفاشيستية كبيرة واستعمالها لمآرب شخصية وارد سواء بالنسبة لشخص عادي أو شخصية سامية، وبالتالي لا أحد اليوم في العالم يسلم من تأثيرات الصورة في الكثير من الأحياء في أي مكان. ولكن إذا كانت الصورة الآن تنقل جلالة الملك في وضع عائلي والملك بلباس شعبي والملك يمارس رياضة معينة والملك خارج نسق الحراسة الأمنية كل هذه الصورة من شأنها أن تنتج تأثيرات إيجابية. والآن أصبحت الصورة البسيطة لشخص الملك في لحظة من لحظات أبلغ تعبير عن كل وسائل التعبير.
ماهي صورة الملك الأقرب للتدبير الديمقراطي، هل صورة الملك المشارك أو صورة الملك القريب من هموم الشعب أم صورة الملك الرائد أم صورة الملك المستبصر أم صورة الملك الحداثي؟ كل هذه المصطلحات نابعة من خصوصيات فلسفية معينة، لكن هل هذه الخصوصيات تتوافق مع التربة المغربية؟ هذا هو السؤال. انطلاقاً من هذه الوضعية يلاحظ أن صورة الملك في المجتمع المغربي الذي يطمح إلى أن يكون ديمقراطياً حيث تتساوى فيه الحقوق والواجبات ومجتمعاً عقلانياً حداثياً مبني على مجموعة من المعطيات الثابتة والراسخة، ولكن يطمح كذلك أن لا يتعارض وتاريخه ومجموعة من التقاليد الإجتماعية. والإشكالية حالياً مرتبطة بهذا التركيب بين المعطى الحداثي والمعطى المحلي الذاتي، فكيف يصبح شخص كجلالة الملك قادراً على أن يلملم الصورة، وفي نفس الآن تصبح الصورة والملك منسجمان، هل الملك كما سمته الصحافة "ملك الفقراء" أو "الملك الشاب" أم "الملك الإنسان القائد الرئيس"، كل سمة من هذه السمات تحيلنا مباشرة إلى جهة فلسفية معينة. عندما تقف على صورة "ملك الفقراء" نموذجا، فإن البعد الاجتماعي جلي في هذه الصورة، وهي تفيد أن جلالة الملك يطيح إلى أن يكون قريباً جداً من أوسع فئات شعبه، ولكن لا يعني هذا التخلي عن الفئات الأخرى، لأن الملك حكم ومثابة مظلة التي ستظل بها كل الفئات ويبدو أن تحركات جلالة الملك تتأسس بها كل الفئات ويبدو أن تحركات جلالة الملك تتأسس على إستراتيجية معينة، جولان عبر المغرب مع إعادة الاعتبار لشمال المغرب وشرقه، وهي صيرورة إعادة الصورة من جديد انطلاقاً من التواجد الآني والفعلي في كل منطقة يشكل هذا الاقتراب الحقيقي ويصبح جلالة الملك من هذا المنظور بمثابة الحارس والرقيب والمتابع والقيّم على شؤون الناس خلال ممارسته اليومية، كأنه يوجه رسالة إلى المسؤولين مفاده أنه لم تعد إدارة شأن المواطن من المكاتب أو من الإدارات بل ينبغي التنقل عيناً إلى حيث الناس.
إلى أي حد يمكن القول أن صورة "الملك الصديق" و"الملك المنفتح" من شأنها التأثير على التوابث؟ إن توابث الدولة المغربية واضحة: الدين الإسلامي، المذهب المالكي (السني أو الصوفي) الملكية والوحدة الترابية ، والملك أحرص من غيره على استدامة واستمرار هذه الثوابت، ولكن حينما يقترب جلالة الملك كـ "ملك صديق" أو كـ "ملك منفتح" أو كـ "ملك إنسان" من طبيعة الشعب لا يعني بتاتاً التضحية بالثوابت، بل العكس، تزكيتها وتجذيرها بشكل قوي في وجدان الناس، ويصبح جلالة الملك بصفته أمير المؤمينين" وحامي حمى الملة والدين والقيّم على شؤون الناس هو الذي يبدو في صورة "الملك الصديق" وتصبح الآثار أقوى من ذي قبل.
كيف وجب فهم العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك للأقاليم الجنوبية؟ إن المتتبع لتحركات جلالة الملك يجيد أن جلالته يولي عناية خاصة للأقاليم الجنوبية، كيف نفهم هذه العناية؟ لم يعد مقبولا أن العناية تتم فقط من جانب تثبت البنيات التحتية مع دون الاهتمام بالعنصر البشري، لأن المطروح ليس هو كسب الرهان المادي فحسب وإنما الرهان الوجداني. ونفهم قرب شخص جلالة الملك بالأقاليم الجنوبية أنها تأكيد لمقاربة جديدة تسعى إلى إعادة الاعتبار لأهل الصحراء انطلاقا من إمكانياتهم وذواتهم كبشر وكفاعلين سياسيين واجتماعيين باعتبار أن الصحراء شريك في بناء المغرب، من هنا وجب فهم العناية الخاصة لجلالة الملك بالأقاليم الجنوبية. -------------------------------------- إدريس ولد القابلة كاتب و صحفي مغربي | |
|