يا سادة السفينة

يا سادةَ السفينة
هيام ضمرة

أينَ أنتمْ يَا سَادةَ السّفينة
أينَ رِجَالُكُمْ.. أينَ حُمَاتُكُمْ .. أينَ قُبْطانُكُمْ
أينَ ساريةُ الانتفاضِ وبارودُ المَكينة
أينَ طُلابُ المَنايَا
أينَ عُشاقُ القدس
أينَ الذين أضْرَمُوا لها نيرانَ الشوْقِ
الذين بحُبها اسْتهَامُوا
وحطَّموا لأجْلِها جُدرانَ السكينة
في القدسِ يا سادةُ تُرتكَبُ جَريمة
جَريمةٌ في فحْوَاها خطيرة
يَهْتِكُونَ عِرْضَها والظُلمُ الجَائِرُ يُدْمِنونه
في القدسِ يسرقونَ شرَفَ المدينة
أين منكُم في القدسِ يا سادة تخُوضُون
على السَّرابِ مع ألحانِهم تُغنون
ومشاعرَ تتلظى قهراً على سوءةِ ما يَفعَلون
فمَنْ ذا الذي في القدسِ لا يعلمُ مَعنى السجينة
نحنُ للقدسِ أدْمُعاً تنهمرُ كالمطر
شَجْواً يَطوي في أرجائِهِ عَاتيَّ الشَّجَا
عُيُوناً يُحَرِّضُها عَدوى الحَشا
وقلوباً في كُرْبِها تبكي حَزينة
لو تعلمُوا يا سَادة
مِنْ بَيْنِ أنامِلِكُمْ سَرَقوا القدسَ تاريخاً ومدينة
وبدَّلوا للواقعِ منازلَ كان مداها سبيله
أينَ أنتم يا سادة
أينَ مِنكُم جَادةَ الصَوَاب
وتاريخٌ تسَرَّبَ إلى بحارهِ الضباب
والقدسُ وحْدُها تنتظرُ لأبنائِها الإياب
القدسُ مِنْ يأسِها تصرخ موجعةً تُناديكُم
أينَ مِنكُمْ حِوَاراتُ السلام
وأوراقٌ ضَحِكَتْ مِنْ حِبْرِها الرَذِيلة
الجُرْحُ أصْبَحَ نهْراً قانِياً للدِمَاء
غمًا يَذرُو في أجوائِهِ الغمُّ
لترقصَ الذبيحَةُ بَينَ أيدٍ لئيمة
كيفَ تتركونَ القدسَ وجَوْهَرَتها الدفينة
ففي القدسِ ما زالوا يَسْرقون قفلَ الخزينة
يَحْفرُون أنفاقاً تسْرِقُ تاريخَ المَدينة
يَستعيدونَ أحقابًا ما عَرَفتْها يَوْمًا أتربةٌ دونه
يُزيِّفون حَكايا تشُجُّ رأسَ الحقيقة
يَقلبُونَ المِجَنّ على كاملِ الخريطة
حتى ما عادَتْ للقدسِ يَدُها الأمينة
أينَ أنتمْ يا سادةَ السَفينة
أتخشونَ فقدَ مَقاعِدِكم الثمينة
وخيراتِ مزارعَكُم وأبقارِكُمْ السَمينة
أفيقوا يا سادةَ السفينة
التحِمُوا يا أسيادَ الشتات
تكلموا يا مَنْ مِنكم العَزاءُ والرُفات
حَرِّكوا أطرافَكُم الأيدِي مِنها والأقدام
مَيِّزوا الرأسَ فيكُم والعِظام
وانفُضُوا القتامَ عنْ خلايا اللُبِ والُلبَابِ
فإرهاص العقل كان فيكم يَوْمًا ضَغينة
واليومَ ما عادَ يَسِّفُّ في مِحْجَلِهِ سِنينه
فما بالُكم يا سَادتي
لا تلتفتونَ للقدسِ والأقصَى
وهما القداسةُ في مَوْطِنِ الرُوح
وهما وقعُ القصيدِ في الجوارحِ رهينة